قل أَرأَيتكم إِن أَتاكم عذاب اللَّه أَو أَتتكم الساعة أَغير الله تدعون إن كنتم صادقين

<div align="right"><font color="" face="Arial" size="4"><font color="#003300"><strong><font size="5">{ قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (40) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45) }<br><br></font><br><font size="5"><font color="#000000">يخبر تعالى أنه الفعال لما يريد، المتصرف في خلقه بما يشاء، وأنه لا مُعقِّب لحكمه، ولا يقدر أحد على صرف حكمه عن خلقه، بل هو وحده لا شريك له، الذي إذا سئل يجيب لمن يشاء؛ ولهذا قال:</font> <font color="#C00000">{ قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ }</font> <font color="#000000">أي: أتاكم هذا أو هذا</font>{ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } <font color="#000000">أي: لا تدعون غيره لعلمكم أنه لا يقدر أحد على دفع ذلك سواه؛ ولهذا قال: إن</font> <font color="#C00000">{ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }</font></font><font size="5"><font color="#000000">أي: في اتخاذكم آلهة معه.<br></font><font color="#C00000">{ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } أي: في وقت الضرورة لا تدعون أحدا سواه وتذهب عنكم أصنامكم وأندادكم كما قال: { وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ</font></font><font size="5"><font color="#000000">} الآية [الإسراء: 67].<br>وقوله:</font> <font color="#C00000">{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ }</font> <font color="#000000">يعني: الفقر والضيق في العيش</font> <font color="#C00000">{ وَالضَّرَّاءِ }</font> <font color="#000000">وهي الأمراض والأسقام والآلام</font> <font color="#C00000">{ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ }</font></font><font size="5"><font color="#000000">أي: يدعون الله ويتضرعون إليه ويخشعون.<br>قال الله تعالى:</font> <font color="#C00000">{ فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا }</font> <font color="#000000">أي: فهلا إذ ابتليناهم بذلك تضرعوا إلينا وتمسكنوا إلينا</font> <font color="#C00000">{ وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ }</font> <font color="#000000">أي: ما رقت ولا خشعت</font> <font color="#C00000">{ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }</font></font><font size="5"><font color="#000000">أي: من الشرك والمعاصي.<br></font><font color="#C00000">{ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ }</font> <font color="#000000">أي: أعرضوا عنه وتناسوه وجعلوه وراء ظهورهم</font> <font color="#C00000">{ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ }</font> <font color="#000000">أي: فتحنا عليهم أبواب الرزق من كل ما يختارون، وهذا استدراج منه تعالى وإملاء لهم، عياذا بالله من مكره؛ ولهذا قال:</font> <font color="#C00000">{ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا }</font> <font color="#000000">أي: من الأموال والأولاد والأرزاق</font> <font color="#C00000">{ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً }</font> <font color="#000000">أي: على غفلة</font> <font color="#C00000">{ فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ }</font></font><font size="5"><font color="#000000">أي: آيسون من كل خير.<br>قال الوالبي، عن ابن عباس: المبلس: الآيس.<br>وقال الحسن البصري: من وسع الله عليه فلم ير أنه يمكر به، فلا رأي له. ومن قَتَر عليه فلم ير أنه ينظر له، فلا رأي له، ثم قرأ:</font> <font color="#C00000">{ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ }</font></font><font size="5"><font color="#000000">قال الحسن: مكر بالقوم ورب الكعبة؛ أعطوا حاجتهم ثم أخذوا. رواه ابن أبي حاتم.<br>وقال قتادة: بَغَت القومَ أمرُ الله، وما أخذ الله قومًا قط إلا عند سكرتهم وغرتهم ونعيمهم فلا تغتروا بالله، إنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون. رواه ابن أبي حاتم أيضًا.<br>وقال مالك، عن الزهري</font><font color="#C00000">: { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ }</font></font><font size="5"><font color="#000000">قال: إرخاء الدنيا وسترها.<br>وقد قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن غَيْلان، حدثنا رِشْدِين -يعني ابن سعد أبا الحجاج المهري -عن حَرْمَلَة بن عمران التُّجِيبي، عن عُقْبة بن مسلم، عن عقبة بن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:</font> <font color="#B38000">"إذا رأيت الله يُعْطِي العبدَ من الدنيا على مَعاصيه ما يُحِبُّ، فإنما هو اسْتِدْرَاج".</font> <font color="#000000">ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم</font> <font color="#C00000">{ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ }</font></font><br><font size="5"><font color="#000000">ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم، من حديث حَرْمَلة وابن لَهِيعة، عن عقبة بن مسلم، عن عقبة بن عامر، به<br> وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا عِرَاك بن خالد بن يزيد، حدثني أبي، عن إبراهيم بن أبي عَبْلة، عن عبادة بن الصامت [رضي الله عنه] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:</font></font> <font size="5"><font color="#B38000">"إن الله [تبارك وتعالى] إذا أراد الله بقوم بقاء -أو: نماء -رزقهم القصد والعفاف، وإذا أراد الله بقوم اقتطاعًا فتح لهم -أو فتح عليهم -باب خيانة"<br></font> <font color="#C00000">{ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ }</font> <font color="#000000">كما قال:</font> <font color="#C00000">{ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }</font></font><br><br><br> <font color="#C00000"><font face="times-roman"><font face="times new roman">تفسير بن كثير</font></font></font></strong></font></font></div>