- طيف الاستشهادعضو نشيط
- عدد المساهمات : 116
السٌّمعَة : 11
تاريخ التسجيل : 05/07/2011خطورة الفتن---------
الأحد سبتمبر 04, 2011 3:47 pmخطورة الفتن والتحذير منها
سماحة الإمام الوالد عبد العزيز
بن عبد الله بن باز : الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا
عدوان إلا على الظالمين . وبعد : فإن الفتن لا شك أنها موضوع خطير ، وهي
تكون بالقتال ، وتكون بالشهوات ، وتكون بالشبهات ، وتكون بالجميع ، نسأل
الله العافية . وقد ثبت عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : (
تكون فتن القاعد فيها خير من القائم ، والقائم خير من الماشي ، والماشي خير
من الساعي ، من يستشرفها تستشرفه ) . وقال - عليه الصلاة والسلام - : (
بادروا بالأعمال الصالحة فتنًا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمنًا
، ويُمسي كافرًا ، ويُمسي مؤمنًا ، ويصبح كافرًا ، يبيع دينه بعرض من
الدنيا ؛ وفي لفظ : بعرض من الدنيا قليل ) .
ونحن في هذا الوقت ،
وكذلك مضت أوقات أيضًا وقع شيء منها كثير فيما مضى ، ولكن في هذا الوقت
أكثر ، فتن الشبهات ، وفتن الشهوات ، وفتن القتال ، كلها واقعة .
فالشهوات المغرية بالمعاصي والمحارم كثيرة . شهوة المال . شهوة الفاحشة .
شهوة المسكرات . شهوة الملاهي . شهوة سفك الدماء . إلى غير ذلك ، شهوات
متنوعة ، وشهوة المال والمآكل والمشارب تفضي إلى الترف والكسل والضعف ،
وعدم المقاومة لما يعرض للناس مما يضرهم في دينهم ودنياهم ، وتفضي إلى
الميل إلى السعي للمحرمات . فإذا رزق الناس المال وقدروا على مطالبهم من
هذه الشهوات المحرمة ، فالعصمة قليلة ، فمن ابتُلي بالمال الكثير ، ولا
سيما مع قلة العلم ، وقلة البصيرة ، وقلة العقل الراجح ، وقلة الأخيار
وصحبة الذين يوجهون إلى الخير ، وكثرة المنحرفين ، والذين يقودون الناس إلى
أسباب الهلاك .
من هذه الأسباب يعظم الخطر ، وتكثر المصائب في
الدين ، قال - جل وعَلا - : ﴿ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا
أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾ . [ هود : 116 ] . فالترف له
عواقب وخيمة ، في الملبس ، والمأكل ، والمشرب ، والمركب ، والمسكن ، وغير
ذلك ، وهو يفضي إلى غايات خطيرة بانتهاك محارم الله ، والضعف عن أداء ما
أوجب الله ، واقتحام الحدود ، وعدم المبالاة بخطر العقوبات ، وبغضب الله -
عز وجل - ، قال - سبحانه - في كتابه الكريم : ﴿ كَلاَّ إِنَّ الأِنْسَانَ
لَيَطْغَى . أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾ . [ العلق : 6 - 7 ] . وثبت عنه -
عليه الصلاة والسلام - أنه قال : ( والله ما الفقر أخشى عليكم ، وإنما أخشى
عليكم الدنيا ، أن تُبسط عليكم كما بُسطت على من كان قبلكم ،
فَتَنافَسُوها كما تَنافَسُوها ، فتهلككم كما أهلكتهم ) .
فالواجب
على كل مؤمن أن يحذر الفتن من الشهوات والشبهات ، قال - عليه الصلاة
والسلام - : ( يتقارب الزمان ، ويفشو الزنا ، ويُشرب الخمر ، ويقل العلم ،
ويظهر الجهل ، ويكثر الهرج ، قيل : يا رسول الله ، وما الهرج ؟ قال : القتل
القتل ) .
في آخر الزمان تكثر أسباب القتال والفتن ، والقتل بغير
حق ، باب العدوان والظلم ، وهذا واقع في نواحي كثيرة من هذه الدنيا . ومن
أسبابه : الظلم والعدوان ، وحب المال والجشع في تحصيله وجمعه من الدول
والأفراد : - من الدول : الجشع على المال من أنواع المعادن ؛ كالبترول
وغيره - ، ومن الأفراد : كذلك يُفضي بهم إلى السرقات ، والخيانات ، والغش
في المعاملات ، وغير هذا من أنواع الضرر والظلم ، الذي من أسبابه الجشع على
المال والحرص عليه .
وأما فتن الشبهات ، فأشد وأخطر . فإن الإنسان
بسبب الشبهة كثيرًا ما يخرج عن دينه بين وقتٍ وآخر ، يصبح مؤمنًا ، ثم تعرض
له شبهة في جريدة ، أو في كتاب ، أو من طريق مجادل ومناظر ومخاصم فيضل
ويخرج عن دينه بسبب ذلك .
والشُّبَه أنواع متنوعة : بعضها يتعلق
بالله - سبحانه - . وبعضها يتعلق بالرسل - عليهم الصلاة والسلام - . وبعضها
يتعلق بالقرآن . وبعضها يتعلق ببعض الواجبات . وبعضها يتعلق ببعض المحرمات
. إلى غير ذلك . فلا يزال به أعداء الإسلام يجادلونه ، ويبذرون في قلبه
بذور الشر ، ويشككونه في دينه ، ويقولون : لِمَ كذا !؟ ولِمَ كذا !؟ ولِمَ
شُرِع كذا !؟ ولِمَ صار كذا !؟ وأين كذا !؟ وأين الدليل على كذا !؟ حتى يضل
عن دينه ، وحتى يهلك بجهله بالله ، وجهله بدينه ، ولاستيلاء هذه الشبه على
قلبه ، حتى لا يجد لها دافعًا من قلبه ، ولا يجد لها حالاًّ ومنقذًا من
مجالسيه ، ومن أصحابه الذين يسمع لهم ويثق بقولهم ؛ لأن الأصحاب والجلساء
يغلب عليهم في هذه الأوقات الأخيرة الجهل وقلة العلم ، ويغلب عليهم أيضًا
إيثار الشهوات ، وحب العاجلة ، والإعراض عن الدين ، واستثقاله ؛ لأن دين
الله يقيدهم عما حرم الله ، وهم يجدون في الدين ما يقيدهم عن الزنا ، وما
يمنعهم من شرب المسكرات ، وما يمنعهم من أخذ المال بغير حق بالرشوة ،
والخيانة ، والغش في المعاملة ؛ فلهذا يستثقلون الدين ، ويودون التملص
والتخلص منه ، حتى يشبعوا رغباتهم من هذه الشهوات المحرمة .
فهذه
كلها فتن ، حذر منها النبي - عليه الصلاة والسلام - فتن الشبهات ، وفتن
الشهوات ، وفتن القتال ، وأسباب القتال ، ولهذا قال - عليه الصلاة والسلام -
: ( بادروا بالأعمال الصالحة فتنًا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها
مؤمنًا ، ويُمسي كافرًا ، ويُمسي مؤمنًا ، ويصبح كافرًا ، يبيع دينه بعرض
من الدنيا ) ، والعياذ بالله .
ومن أعظم الأسباب التي تقي العبد شر
هذه الفتن ، وتسبب نجاته وسلامته : إقباله على كتاب الله تلاوةً وتعقلاً
وتدبرًا ؛ فإنه يجد في كتاب الله الدعوة إلى أسباب النجاة ، والتحذير من
أسباب الهلاك . يجد في كتاب الله الدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال .
يجد في كتاب الله الأدلة القاطعة على وجود ربه ، وعلى أسمائه الحسنى ،
وعلى صفاته العلى ، وعلى استحقاقه للعبادة والطاعة . ويجد في كتاب الله
الأدلة القاطعة على صحة ما جاءت به الرسل - عليهم الصلاة والسلام - ، وأنهم
حق من عند الله - عز وجل - . يجد في كتاب الله الدلالة القاطعة والبراهين
الساطعة على إثبات الآخرة ، والجنة والنار ، والبعث والنشور ، وأن ذلك حق .
فإذا تدبر مع ذلك أحوال العالم ، وأن هذا العالم فيه الضال ، وفيه المهتدي
، وفيه الظالم ، وفيه الجاهل ، وفيه العالم ، وفيه أنواع الفساد ؛ عرف أن
هذا العالم لا بد له من منتهى ، ولا بد له من غاية ، ولا بد له من لقاء مع
ربه ، يجازي فيه المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته .
كثير من هؤلاء
الذين ظلموا الناس ، وأكلوا أموالهم بغير حق ، واعتدوا على حقوقهم . كثير
منهم يموتون ولم يؤخذ منهم الحق ، فلا بد لهم من يوم ومكان تؤخذ منهم
الحقوق فيه ، ويُنصف المظلومون منهم ، ويُلزمون بأداء الحقوق ، وذلك اليوم
هو يوم القيامة ، هو يوم الحشر والجمع ، هو يوم التغابن ، كما قال - جل
وعَلا - : ﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ
الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ
﴾ . [ إبراهيم : 42 ] . وقال - جل وعَلا - : ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ
ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
﴾ . [ الزلزلة : 7 - 8 ] ، وقبلها قوله - جل وعَلا - : ﴿ يَوْمَئِذٍ
يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ﴾ . [ الزلزلة : 6 ]
، فلا بد من عرض أعمالهم ، ولا بد من جزائهم عليها .
وقوله - جل
وعلا - : ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ
بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ . [ النحل : 97 ] . ويقول - جل وعلا -
: ﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ
فَلَهَا ﴾ . [ الإسراء : 7 ] .
فالمقصود أن هناك موعدًا مع الله - عز وجل - يجازي فيه - سبحانه - المحسن لإحسانه ، والمسيء لإساءته .
فنسأل الله أن يرزقنا وإياكم الاستعداد ، والحذر من الفتن ، والإقبال على كتاب الله - عز وجل - ، والعناية بذلك .
ومن أسباب النجاة : العناية بسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -
والإقبال عليها ، والنظر في سيرته - عليه الصلاة والسلام - ، وسيرة أصحابه
الكرام - رضي الله عنهم وأرضاهم - ، وسيرة سلفنا الصالح ، الذين درسوا كتاب
الله ، وتعقلوه ، وتدبروه ، وعملوا به ، ودرسوا السنة وعظموها ، وانقادوا
لها ، وساروا على ضوئها في حياتهم ؛ فإن في دراسة ذلك ما يعين على الأخذ
بها ، والتمسك بها مع كتاب الله - عز وجل - ، وفي الإعراض والغفلة عن ذلك
ما يسبب الهلاك والوقوع في حبائل ومكائد الشيطان ، ولا حول ولا قوة إلا
بالله ! - عدد المساهمات : 116
- Amrمؤسس المنتدى
-
عدد المساهمات : 3461
السٌّمعَة : 34
تاريخ الميلاد : 30/11/1996
تاريخ التسجيل : 04/02/2011
العمر : 27
رد: خطورة الفتن---------
الأحد سبتمبر 04, 2011 6:13 pm
- ﺄحـﮧمـدكبار الشخصيات
عدد المساهمات : 504
السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 15/06/1997
تاريخ التسجيل : 21/01/2014
العمر : 26
رد: خطورة الفتن---------
الثلاثاء يناير 21, 2014 9:51 am
شكرا لك علي هذا الطرح
سلمت أناملك .#
سلمت أناملك .#
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى